تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
7
((إِرَمَ))
عطف بيان لـ"عاد"، وهي اسم أرض بنَتْ عاد عليها أبنية فخمة جميلة، وإنما
مع أن تكون "إرم" عطف بيان، لأن "عاداً" اسم لقبيلتين "عاد" الأولى و"عاد"
الثانية، فالأولى كانت صاحبة "إرم" والتقدير "عاد إرم"، وهذا كما تقول
"مررت ببني هاشم المدينة المنورة"، ((ذَاتِ الْعِمَادِ))
جمعه عمد، أي أبنية: إرم التي كانت لها أعمدة، ويستعمل العماد في القوة
والشرف، يقال "فلان رفيع العماد." فقد قالوا إن "شداد" من أبناء "عاد" توسع
سلطانه، وعظم أمره، وكان كافرا بالله، فسمع بالجنة وأوصافها، فقال نبني في
الأرض مثلها، فبناها في "إرم" وسميت بهذا الاسم، وكانت عظيمة فخمة جميلة
ذات قصير وحدائق وأثاث ورياش، فلما أن أراد هو وقومه وجيشه دخولها أهلكهم
الله سبحانه، بأن بعث عليهم صيحة عظيمة فهلكوا جميعا.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
8
((الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا))، أي مثل قبيلة عاد في القوة والثروة وما أشبه، أو مثل "إرم" في الفخامة والضخامة والجمال، ((فِي الْبِلَادِ)) والظاهر أن المراد عدم خلق مثلها في تلك الأزمنة لا مطلقا.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
9
((وَ)) ألم تر كيف فعل ربك بـ((ثَمُودَ)) قوم صالح ((الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ))، أي قطعوا الصخور من الجبال، وجاؤوا بها ((بِالْوَادِ))، أي وادي قرى، وهو مسكنهم فبنوا بها البيوت الصخرية؟
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
10
((وَ)) ألم تر كيف فعل ربك بـ((فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ))،
جمع "وتد" الذي كان يَدُق في جسم المجرم لديه الوتد، ويذره حتى يموت - كما
قيل - والمراد به فرعون موسى "عليه السلام"، وقد مثل الله سبحانه بأقوى
الأمم في زمانهم ليبين أنهم حيث عتوا وخالفوا أوامر الله سبحانه أهلكهم
سبحانه ولم تنفعهم قوتهم شيئا ومصير هؤلاء الكفار الذين هم أضعف من أولئك
مصير أولئك - لو تمادوا في الكفر والطغيان.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
11
((الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ)) أي تجبروا على أنبياء الله، عملوا بالكفر والمعاصي.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
12
((فَأَكْثَرُوا فِيهَا))، أي في البلاد ((الْفَسَادَ)) بالقتل والفجور وغيرهما.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
13
((فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ))،
وإنما عبر عن العذاب بالسوط لشدة إيلامه، ونسب إليه الصب لأن السوط حيث
فيه لين يأتي إلى الجسم تدريجياً مشابهاً للصب الذي يأتي على الجسم
بالتدريج، وفي هذا التعبير من البلاغة ما لا يخفى.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
14
((إِنَّ رَبَّكَ)) يا رسول الله ((لَبِالْمِرْصَادِ))،
هو المحل الذي يجلس الإنسان ليرصد ويراقب أحوال غيره من حيث لا يرونه،
وهذا كناية عن أنه سبحانه مطلع على الناس، فمن كفر وأساء مراقب من قبله
تعالى، لا يفوته.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
15
وهكذا يطغي الإنسان - ليكون له ذلك المصير- إذا لم يسترشد بإرشادات الله تعالى، ((فَأَمَّا الْإِنسَانُ))، والمراد به الذي لم يهتد بنشر الإيمان ((إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ))،
أي امتحنه واختبره، و"ما" مزيدة جيئت للتأكيد، ولعل النكتة في زيادتها
الإلماع إلى أن "ابتلاءه" ليس بابتلاء حقيقة، وإنما هو شيء طفيف يصيبه ومع
ذلك لا ينجـح في الامتحان، ((فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ)) بأن جعل له مكانا كريما ذا شرافة، ونعمة وافرة، ليختبره هل يعمل بوظيفته في الثروة والجاه أم لا؟ ((فَـ)) يفرح بذلك ويظنه ثوابا له وجزاء على عمله، وإنه باستحقاق أوتي ما أوتي، و((يَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ)) حذفت الياء تخفيفا، أي أن هذا لكرامتي على الله، ولا يعتبره امتحانا.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
16
((وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ))، أي امتحنه الله سبحانه بالفقر والضعة ((فَقَدَرَ))، أي ضيق ((عَلَيْهِ))، أي على الإنسان ((رِزْقَهُ)) فجعله فقيراً مملقاً ((فَـ)) يحزن لذلك ويظن أن ذلك هوان من الله عليه، و((يَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ))،
أي أهانني، ولا يعتبر ذلك ابتلاء، وهذا بخلاف الإنسان المؤمن الذي يرى كل
شيء يصيبه اختباراً وامتحاناً، فيخاف من النعمة لئلا يعصي الله فيها فلا
يشكره، ولا يحزن من الفقر لأنه يعتبره امتحانا له إن صبر كان رفعاً لدرجته.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
17
((كَلَّا)) ليس الأمر كما ظن هذا الإنسان، فإن التنعيم ليس لكرامة، والإفقار ليس لإهانة، بل كل ذلك مختلف، والمجموع للابتلاء والاختبار، ((بَل))
إنهم غافلون عن حكمة الإعطاء والمنع ذاهلون أن كل ذلك للابتلاء، ولذا لا
يقومون بواجب العطاء - ولم يذكر القيام بواجب الفقر <الفقير؟؟>من
الصبر، لأن الكلام كان موجها نحو الأغنياء من الناس الذين مثل لهم بمصارع
عاد وثمود وفرعون- فـ ((لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ)) الذي مات أبواه، بإيوائه وإعطائه.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
18
((وَلَا تَحَاضُّونَ)) من الحض وهو الحث، أي لا يحث بعضكم بعضاً ((عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ))، أي الفقير الذي أسكنه فقره عن الحركة في الأمور.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
19
((وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ))، أي الميراث ((أَكْلًا لَّمًّا))
شديداً تلمون جميعه في الأكل، بلا إعطاء حقوق الميت وحقوق الله وحقوق سائر
ذوي الميراث، فإنهم كانوا يحرمون النساء والصبيان والضعفاء من الورثة، فلا
يعطونهم من حقهم شيئا، وهذا دليل الشره نحو المال وإنهم لا يجعلون المال
دليلا للإبتلاء، بل دليلاً لتكريم الله لهم. لهم.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
20
((وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا))،
أي حباً كثيرا شديداً، حتى إنهم لا ينفقونه فيما يجب أو يستحب إنفاقه، كما
هو شأن من لا يؤمن بالله واليوم الاخر، ولا يجعل المال دليل الإبتلاء
ليعمل فيه بأمر الله ويخشى مغبته.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
21
((كَلَّا)) ليس الأمر كما زعمتم بأنه لا عواقب وخيمة لأعمالكم هذه - فإن من يظن تكريم الله له يسهل عليه العمل بالوظائف في أموره وشؤونه فـ((إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ))، أي كسر كل شيء على ظهرها ((دَكًّا دَكًّا)) كسراً كسراً، من جبال ومرتفعات وأنصبة وأشباهها، وذلك لأن الأرض تسوى حتى لا يبقى على ظهرها عوج ولا أمت.
تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان
سورة الفجر
22
((وَجَاء رَبُّكَ))،
أي أمر ربك، كما يظهر ملوك الدنيا في هيبة وجلال، فإن الهيبة والجلال التي
تظهر يوم القيامة لله سبحانه تكون بمثابة مجيء الله سبحانه، لكنه حيث كان
منزها عن الجسم ولوازمه يجيء آثار جلاله، ((وَ)) جاء ((الْمَلَكُ)) المربوطون بذلك اليوم في حال كونهم ((صَفًّا صَفًّا))، أي مصطفين صفوفا متعددة