تشير الدراسات والأبحاث الطبية الحديثة التي أجريت على حيوانات التجارب والإنسان إلى أن الإصابة بالديدان الطفيلية تستطيع أن تحد من مخاطر حدوث أمراض الأوعية الدموية والأوعية القلبية، وأن تلك الديدان لها القدرة على تقليل مستوى الدهون بالدم، ومن ثم تقلل من حدوث تصلب الشرايين.
إن الأسباب التي تؤدي إلى حدوث وآلية حدوث أمراض الأوعية الدموية وخاصة تصلب الشرايين القلبية غير معروفة في 50% منها. مما حذى بالباحثين إلى إجراء المزيد من الأبحاث لمعرفة تلك الأسباب وتفسير كيفية حدوثها لوصف العلاج، وإجراء اللازم للوقاية من تلك الأمراض الخطيرة، حيث من المتوقع أن يكون مرض تصلب الشرايين هو المسؤول الأول للوفيات في العالم بحلول عام 2020م. خاصة أن تصلب الشرايين مرتبط بارتفاع مستوى الكوليسترول بالدم نتيجة خلل في تصنيع الكوليسترول، أو تناول وجبات عالية من الكوليسترول، أو زيادة تخزين الكوليسترول في الخلايا.
الجدير بالذكر والواضح للباحثين من خلال أبحاثهم ودراساتهم زيادة انتشار الإصابة بأمراض تصلب الشرايين وأمراض القلب والأوعية الدموية الأخرى في الدول المتقدمة في أوروبا الغربية وشمال أمريكا بمعدلات عالية عنها في الدول النامية، ودول العالم الثالث، وهي دول يفتقر الكثير منها للتغذية والعادات الصحية السليمة، ويكثر فيها الإصابة بالأمراض الطفيلية التي تصيب ثلث سكان العالم معظمهم بالدول النامية ودول العالم الثالث.
في دراسات أجريت في بيرو في أمريكا الجنوبية في أوائل التسعينيات على شعب الشيبيبو، وجد أن الأشخاص المصابين بدودة الانكيلوستوما والإسطوانية الشعرية البرازية، والدودة السلكية شعرية الذيل، لديهم انخفاض في مستوى الدهون والكوليسترول العام والكوليسترول منخفض الكثافة الضار بالدم عن الأشخاص غير المصابين، وهناك علاقة عكسية بينهما، فكلما زادت نسبة الإصابة بكمية الديدان المتمثلة في زيادة أعداد بويضات تلك الديدان بالبراز؛ كلما انخفض مستوى الدهون والكوليسترول منخفض الكثافة الضار بالدم، ومن ثم الإصابة بتصلب الشرايين.
فربما كان إفراز تلك الديدان المعوية لمواد مسببة للالتهاب، ومواد سامة يساعد على خفض مقدرة جدار الأمعاء لتصنيع الكوليسترول.
وفي دراسة معملية أخرى أجريت على الخنازير الغينية، ظهر انخفاض في مستوى الكوليسترول العام، ومستوى الكوليسترول عالي الكثافة الجيد بدم الحيوانات المصابة بدودة الاسكارس ويرقاتها عن الحيوانات غير المصابة، وذلك نتيجة إفراز تلك الديدان مواد تثبط صنع الكوليسترول بالكبد، وإحداث تغيرات في إفراز الهرمونات.
وفي دراستين أجريتا على حيوانات التجارب، وجد أن الإصابة بالديدان الشريطية القزمة، والخيطية البروجية المالوية خفضت مستوى الكوليسترول بالدم؛ نتيجة إحداث تلك الديدان خلل بوظائف الكبد وإفرازها انزيمات تستطيع تكسير الدهون والكوليسترول لاستهلاكهما.
وتستطيع دودة بلهارسيا المستقيم المنسونية مقاومة الخطوات المؤدية لتكوين تصلب الشرايين للدهون وخفض مستوى الكوليسترول بالدم إلى 50% بالإضافة إلى تغير معدل العملية الكيميائية الحيوية.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل من الممكن أن نجد في الصيدليات يوما ًما دواءً يحتوي على بويضات الديدان؟ أو عقار يحتوي على يرقاتها كعلاج لتصلب الشرايين وأمراض القلب والأوعية الدموية؟ وهل ستقوم شركات الأدوية العالمية تحضيره تجارياً ليكون متوفراً خلال السنوات المقبلة؟
خلال تحضيرنا للموضوع لاحظنا أنه تم استخلاص بروتين مانع لتجلط دم الإنسان من لعاب ديدان الإنكيلوستوما الكلبية، له القدرة على عكس مفعول عوامل الأنسجة التي تؤدي لحدوث جلطات بالأوعية الدموية، والتي تساعد على الترسبات الدقيقة بجدار الأوعية الدموية والتي تؤدي بدورها إلى استمرار عملية تصلب الشرايين.