بعيداً عن الكآبة.. عش حياتك بالأمل
الكآبة هي حاله متفاوت الدرجات حسب تفاوت الصدمات الروحية التي يتعرض لها الإنسان في الأجواء الإيمانية، وفي الأزمات العاطفية والحياتية القاسية، وحين تستفحل هذه الصدمات وتتواصل ولا يواجهها الإنسان المبتلى بسبل المواجهة اللازمة قد تتحول إلى مزاج سوداوي متطور.
إنّ أبرز علائم هذا الحاله المأساوية: التشاؤم، القلق، الإنفعال، الإضطراب العصبي، ضيق الصدر، فقدان الأمل، التجهم.
ومن أهم أسباب الكآبة التي تعاني منها قطاعات واسعة من البشر، الوجهة الادينية التي تخنق النفس بسلطة الإعتقاد بعدم هدفية الحياة وحكمة الوجود، ممارسة الأعمال المنكرة التي تخنق النفس بسلطة عذاب الضمير، أو اليأس من الرحمة الإلهية، الفشل العاطفي، وعدم نيل الشريك المرغوب في الحياة الزوجية.
فقدان شخص أو شيء له مكانة كبيرة في القلب، المعاكسات والإحباطات والظروف السيِّئة التي تحول دون الوصول إلى الهدف المنشود، الإحساس بالدونية، والتخلف عن الركب، وتفوق الأقران وعقدة النقص.
الأوضاع المادية القاسية، عقدة الفقر، بلوغ سن التقاعد، وكبر السن، عقدة الموت، البعد عن الأحبة أو الأهل، الطلاق، فقدان الوظيفة، تعاطي الكحول والمخدرات، والأقراص المهدئة، الثراء، وبلوغ الرغبات المادية، والحصول على الإشباع الدنيوي الذي يغلق باب الطموحات التي تتجدد بها الآمال، وتتحرك الطاقات للوصول إليها.
ولكى نتخلص منها لابد لنا من تحكيم العقيدة الإيمانية في النفس وجعلها على إتصال دائم ببارئ الوجود من خلال أداء الفرائض، وتلاوة القرآن، والمناجاة والأدعية، وزيادة العتبات المقدسة، ومن خلال التقرب إلى الله ببر الوالدين وصلة الأرحام، ومساعدة الآخرين، وقضاء حوائج المضطرين، والإحسان إلى الناس وبذل المعروف لهم... فإنّ هذه الأمور التي يشعر معها الإنسان براحة الضمير والوجدان تشكل أروع وسيلة لمحاربة الضغوط النفسية، ومعالجة القلق والإضطراب، وشحن الروح بشحنات الراحة الحقيقية عن طريق الإحساس برضا الخالق سبحانه، والشعور بأداء تكاليفه التي جعلها سبباً لنيل رحمته وألطافه في الدنيا والآخرة.
الإعتقاد الجازم بقضاء الله وقدره: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا...) (التوبة/ 51)، وانّ الأمور كلها بيده سبحانه وانّه يبتلي عبده بأنواع الإبتلاءات ليتجلى معدنه الإيماني الأصيل، ويحظى بأسباب المغفرة والقرب من الله، وانّ المشاكل والمحن بالنسبة للمؤمن هي علائم حب ربه له على ضوء الرواية المعروفة (إذا أحب الله عبداً ابتلاه وانّ الله ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الغائب أهله بالعطية).
عدم إعتبار المصاعب والمشاكل الواقعية بلا إختيار ولا تسبب ناشئه من التقصير الشخصي أو سوء الحظ والطالع، أو الحرمان من اللطف الإلهي.
عدم النظر إلى الذات بنظرة إزدراء وتحقير، وانّها شيء تافه دون الآخرين ولا يستحق الخير والسعادة.
إزاحة غشاوة النظرة التشائمية عن العين، لتحل محلها النظرة التفائلية المنفتحة التي تتوقع الخير واليسر والسهولة بدلاً من الشر والعسر والتعقيد، وعدم تضخيم المشاكل وإعطائها أكبر من حجمها، أو المبالغة في تصويرها.
الإيحاء إلى النفس دائماً انّ الأمور والفرص التي فاتت لا أهمية لها، وان خط الحياة طويل، والمستقبل مليئ بالمفاجئات السعيدة، والفرص التي تحقق المطلوب.
السعي دائماً إلى نسيان أو تناسي الحوادث السيِّئة، والأمور المزعجة الماضية، وجعلها من موارد الإبتلاء التي يؤجر عليها الإنسان الصابر أفضل الأجر من ربه، والسعي مقابل ذلك إلى تذكر الأمور الجيِّدة، والحوادث المرضية، ومصاديق الخير والنعمة، وما أكثرها في حياة كل إنسان، (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) (إبراهيم/ 35).
التعوّد على النظر إلى الجوانب الإيجابية في الأمور والأشخاص، وعدم قصر النظر على الجوانب السلبية، ومحاولة إيجاد محامل حسنة لما يدور، وتعويد الذهن على التفكير في الأمور الجيِّدة، ليكون هذا التفكير هو البديل للهواجس القبيحة، والظنون السيِّئة والتوقعات المؤذية.
الإبتعاد عن الأجواء المثيرة والمسببة للإنزعاج، وعدم مشاهدة الأفلام والصور الموجبه للتوتر العصبي، وعدم مطالعة القصص المؤلمة، أو الإستماع إلى سرد الحوادث المحزنة والجالبة للغم، والمبادرة يومياً إلى مطالعة مجلات فكاهية، وقصص سعيدة، وكتب تتضمن الطرائف المفرحة.
اخراج النفس من الرغبة بالحالة الإنعزالية وذلك بالإختلاط يومياً قدر الإمكان بالناس لا سيما في الأماكن المزدحمة والمجالات العامة، والحضور في المساجد، والمناسبات والمجالس والمحافل والجلسات والنوادي السليمة وبيوت الأصدقاء.
ممارسة الألعاب الرياضية ولا سيّما المشي يومياً لمدة ساعة على الأقل، وممارسة السباحة يومياً كذلك ان أمكن.
الإلتزام بالنظافة، وترتيب الهندام بالصورة المهذبة، والإعتناء بحسن الظاهر.
الخروج من البطالة بأية صورة، والسعي للإنشغال بعمل من الأعمال النافعة التي تخرج الإنسان من حالة الفراغ التي هي أهم أسباب الظلامية، والأفكار السيِّئة، والإنطواء على الخواطر والمشاعر الكريهة.
مواصلة النظرة الإيجابية إلى الحياة وإعتبارها معبراً حتمياً إلى حياة أمثل وأكمل وأفضل، بل لا نسبة بينها وبين هذه الحياة الفانية المليئة بالمنغصات والهموم، وأن تلك الحياة الآتية هي بالنسبة للصالحين فوق التصور.
م/ن
بعيدا عن الكابة عش حياتك بالأمل