إن الجرائم الفظيعة التي قامَ بها النّظام الليبي ذي الأيديولوجيّة
الماركسيّة هو أسلوبٌ متّبع في كافّة الدّول الماركسيّة والتي تشملُ
الدّول الشيوعيّة في الاتّحاد السوفييتي السّابق والصّين ودول
أوروبا الشّرقيّة وبعض دول أمريكا اللاتينيّة، والدّول الاشتراكيّة
مثل مصر النّاصريّة والعراق في عهد صدام وسوريا البعث
الاشتراكي وليبيا والجزائر واليمن الجنوبي سابقاً، ويضاف إليها
أيضا دولة إيران الخمينية التي ورثت الأساليب الشيوعيّة في
السياسة والحكم الديكتاتوري الدّموي والتي هي أيضا متحالفة مع
المعسكر الماركسي.
إنَّ كلّ تلك الأنظمة قامت بمجازر أكبر من مجازر النظام الليبي
بعشرات بل مئات المرات لكنّها كانت كلّها في فترة يلفّها التّعتيم
والغموض، فما يميز مجازر النظام الليبي أنّها جاءت في زمنٍ لا
يمكن فيه التّعتيم الكامل على ما يحدث، فالجميع رأى محاولات
التّعتيم الجبّارة التي باءت بالفشل، ولكن تظلّ جرائم تلك الدول
الماركسيّة رغم التعتيم عليها موثقة وموجودة في كتب التّاريخ
المهمّشة، ويجدر بنا في مثل هذه الأوقات خصوصاً أن ننفضَ
الغبار عنها ليعرفها الجميع ويعرفوا أنّ جميع الأنظمة الماركسيّة
تسير على نفس المنهج الدّموي، وأنّ ادّعاءات البعض بأنّها
جرائم خاصّة بقادة هذا النظام أو ذاك كلّها ادّعاءات زائفة، لأنّ
جوهر الأيديولوجيّة الماركسيّة والشّيوعيّة والاشتراكيّة
واليساريّة كلّها قائم على الإجرام والدّجل والفساد الممنهج
والتّأميم ومصادرة الأملاك.
من يزعم أن مجازر القذافي هي مجازر شخص أو عائلة القذافي
مخطئٌ للغاية، ومن يزعم أنّ مجازر صدّام هي مجازر خاصّة به
أيضا مخطئ، ومن يزعم أن مجازر ماوتسي تونغ خاصّة به
مخطئ، وهلم جرا
لماذا؟
لأنّ كافة الدول التي حكمتها أحزاب ماركسيّة شيوعيّة أو
اشتراكيّة أو يساريّة حصلت فيها نفس هذه الجرائم التي لم يعرف
التّاريخ لها مثيلاً، فكيف نقول بأنّ الصّدفة قضت بأن يكون جميع
قادة هذه الدول مجرمين من تلقاء أنفسهم؟ كلا إنّ جوهر مبادئ
الماركسيّة واليسار أصلاً هي قائم على هذا، ولا يمكنها أن تقوم
ويستمر في الحكم إلا بمثل هذه الجرائم، فلنستعرض تسلسلاً
تاريخيّاً يثبت ما نقوله.
في دراسة بعنوان "قتلوا من المسلمين مئات الملايين" للباحث
محمود عبد الرّؤوف القاسم، ذكر فيها أرقاماً تقريبيّة لعدد القتلى
من المسلمين في معظم الدّول التي حكمتها أنظمة ماركسيّة
شيوعيّة أو اشتراكيّة ويذكر أنّ القتلى في غير المسلمين أكثر
لكنّه يركّز في دراسته على القتلى من المسلمين، حيث قدر عدد
القتلى من المسلمين سنة (1917) حتى سنة (1945)، في الاتّحاد
السّوفياتي وفي أوروبا الشرقيّة أكثر من (90) مليون نسمة
إضافة إلى ملايين أخرى متناثرة بعد هذه الفترة، وفي الصين في
فترة ماوتسي تونغ بعشرات الملايين، وفي فيتنام حوالي
مليونين، وفي أفغانستان مليونين ونصف، وفي كمبوديا أكثر من
600 ألف، وفي أثيوبيا حوالي مليون، وفي مصر في فترة
الاشتراكية بقيادة جمال عبد الناصر كان عدد الضحايا مئات
الآلاف في السجون وعشرات الآلاف من اليمنيين الجنوبيين، وفي
العراق في فترة البعث بقيادة صدام وصل مجموع عدد الضحايا
إلى مئات الآلاف، وفي سوريا البعثية في زمن حافظ الأسد أكثر
من مئة ألف، وفي ليبيا القذافي عشرات الألوف، وفي الجزائر في
فترة الشيوعي هواري بومدين كان القتلى بعشرات الألوف وغير
ذلك في مئات الآلاف والملايين في دول ماركسيّة في إفريقيا
وأوروبا الشرقيّة.
ولكن السؤال الملحّ هو لماذا لا يتم ربط هذه الجرائم بالأيديولوجيّة
الماركسيّة؟ لماذا يتمّ ربطها فقط بشخص رئيس الدولة، في حين
يتم ربط جرائم هتلر مثلاً بالأيديولوجيّة النّازيّة؟ فما هي حقيقة
الماركسيّة وهل انتهت فعلا بسقوط الاتحاد السّوفياتي؟ إنّها
أيديولوجيّة واحدة يهوديّة تعدّدت أسماؤها لخداعنا (شيوعية،
اشتراكية، بعث، ناصرية، يسارية، اجتماعية، الخ...) ومؤخّراً
قسم كبير من الليبرالية هي في حقيقتها ماركسيّة متخفّية دعية
وهدف الماركسية هو السيطرة على العالم لإقامة المملكة اليهوديّة
العالميّة، وهي أيديولوجيّة مرنة وبراغماتيّة جدّاً ولم تنتهِ بشكلٍ
حقيقي بسقوط الاتّحاد السّوفياتي، فقط انتهى أحد أسمائها وهو
الشيوعيّة لأنه أصبح مفضوحاً ومرتبطاً بجرائمه الفظيعة، والآن
يتم إنهاء كافة المسمّيات الماركسيّة الأخرى وإخراج ماركسيّة
جديدة تتلبس بلباس الدّيمقراطيّة والحرّيّة وحقوق الإنسان
والتّداول السّلمي للسّلطة، وهدفها استغلال ما يدور في المنطقة
من ثورات شعبيّة، لكي تسرقها وتحاول الاحتفاظ بالسّلطة بشكلٍ
سلميّ بدون ضوضاء، والوصول إلى السّلطة في كافة دول العالم
بالطّرق السّلميّة، وبعد أن يتم لهم ذلك، يقومون بإلغاء
الديمقراطية وإعلان المملكة اليهوديّة العالميّة
فما هو السبيل لمواجهتها؟
إنّ كيد الشّيطان واليهوديّة أوهنُ من بيت العنكبوت إذا توفر لدينا
إن شاء الله الوعي الكافي والاعتبار بشكل جيد من دروس
التاريخ، فهذه الحركة الديمقراطيّة الجديدة على عالمنا العربي
هي نعمة إن أحسنا استغلالها للتخلص من الظّلم والفساد
متمثّلةً في الأنظمة الشيوعيّة والاشتراكيّة
وهي نقمة
إن غفلنا وخدعنا وتمكن الماركسيّون الجدد من السّيطرة سلميّاً
وديمقراطيّاً على كلّ دول العالم، فبعدها سيكون قد فات الأوان.
منقول مع بعض التنقيح والتعديل