ملاحظة مهمة: (هذا البحث موجه لدارسي البرمجة اللغوية العصبية وممارسيها، وليس لمن يرغب في الإقبال عليها.. فإن كنت تريد الإستفادة منها فلا تهتم بهذا البحث..!).
مجيء البرمجة اللغوية العصبية كان صرخة أشبه بمجيء علم النفس بإتجاهاته ومدارسه التحليلية والجشتالتية وغيرها.. ولكن كيف وجدت البرمجة هذا الإقبال في بلادنا،، خاصة هنا في بلاد الحرمين...!
هناك أسباب لا يجروء الكثير على ذكرها.. ولكني سوف أذكر أهمها وهو شيوع الأمراض التالية:
1. ضعف الشخصية.
2. الكبت الفكري.
3. الكبت الجنسي (أو مايعرف بذلك).
4. القلق النفسي (أكثر الأمراض شيوعا).
هذا بالإضافة إلى أعراض هذه الأمراض.. وليس موضوع البحث هو مسببات هذه الأمراض (عموديا وأفقيا) بلغة علم الإجتماع، ولكن في الطريقة "الجزئية" التي يمكن أن تحل بها..!
وملاحظة للتوضيح على الكبت الجنسي هو أنه حالة من الفراغ الفكري والقيمي خاصة، وعدم الشعور بجدية الحياة، وإفتقاد الهدف من الحياة، حينها تبدأ الشخصية في مخاطبة أخس ماتحتاجه غريزيا.. لأن الإنسان بطبيعته كائن متطلب...!
البرمجة اللغوية العصبية لها لغة جديدة ومثيرة وغريبة.. فهي تبشرك بأكثر مما تريد في الحياة حتى تكاد تصل بك إلى أنك تستطيع إمتلاك العالم مجازيا..!
ولكن لمن خطابها موجه؟ ومن هم أكثر المتلقين إستعدادا لقبول تلك اللغة..؟!
بإختصار إنهم المتعبون نفسيا، والذي يبحثون عن الخلاص الذاتي من آلامهم ومعاناتهم أو فشلهم في التفاعل مع هذه الحياة.. ففي سيكلوجية هؤلاء ملاحظة دقيقة، وهي أنهم لا يستطيعون الثقة في المخلص إلا إذا كان هذا المخلص يملك تلك الثقة الهائلة من الثقة بخطابه وبقدرته على تبشيرك بالحل.. فكل مافي الأمر أن (عاطفة تقدير الذات)، هي سبب أكثر من 90% من المتاعب النفسية لهؤلاء، فهم يبحثون عما يخاطب تلك العزة المعرضة للخطر في دواخلهم.
فالبرمجة (إختصارا) لا تعطيك نظريات ولا تفسيرات، ولكنها زعمت حسم السؤال القديم وهو (كيف)؟!
حسنا.. إذا كان هناك من إستطاع القيام بذلك لنرى النتائج..
هناك الكثير من المفاهيم في البرمجة، مثل:
1. عيوب اللغة.
2. التأكيدات اللغوية.
3. رابط الموارد.
4. مولد السلوك الجديد.
لنبدأ بالعيوب اللغوية:
في هذا الجانب من البرمجة، أكتشفت أنها إستطاعت بالفعل تلخيص كافة عيوب اللغة (ملفوظة ومقروءة) في ثلاث عناصر وهي (التعميم والحذف والتشويه).. فوفرت في جانبها اللغوي إمكانيات هائلة ومؤثرة. وخاصة أنها مما إعتمدت عليها في بداية نشوئها كان علوم اللغة الجديدة. ولكن هناك بعض المبالغات في زعم إدراك لغة العقل الباطن كما قد يتبين لاحقا...
ثم التأكيدات اللغوية:
وهي ممارسة تأكيد معين مثل أنا قوي أنا ناجح، وهنا يمكن ملاحظة توافقها مع مبدأ البرمجة القائل (أن أي عمل يتقنه شخص في العالم يمكن لأي شخص آخر إتقانه).
هذا شيء جميل.. ولكن من المبالغات التي توجهها لمتعلميها مثل أن تقول له قل أنا قوي، وقد يكون سبب الضعف موجود بالفعل في حياته ومازال، أو أسوأ من ذلك، عندما يظل يكرر التأكيدات لعدة أيام متواصلة ثم لا تفيده لتعارضها مع واقعه.
بل أكثر من ذلك أيضا فهي تخبرك بأنك إذا قلت أنا غني وكررتها دائما فإنك سوف تكون غنيا يوما ما وسوف تتوفر لك المصادر.. أو إذا قلت أنا شاعر عظيم، وكررتها سوف تتمكن من إمتلاك الشاعرية..
حسنا لنكن منصفين.. فرغم أن لغة الإخبار غير واقعية بطبيعة الحال، إلا أن المعنى في هذه الحالة قد يكون موجهها لنفس الفئة التي تحدثنا عنها.. ولكن المشكلة تبقى في تلقي النتائج.. فهدف التأكيد هو توفير المواد النفسية اللازمة لتكون قويا وناجحا.. وذلك عبر قوة العقل الباطن، ولكن ماذا لو إصطدم بالواقع..؟!
في هذه الحالة كان يجب أن تكون التأكيدات أكثر واقعية بتغيير المسمى على سبيل المثال إلى (إقناع الذات) فالذات عاقلة، وإذا لم تستطع الإقتناع بالتأكيد فإنه لن يتحقق.. فبدون هذا فهناك إجحاف كبير بحق عقلانيتها.. وتحويلها بالفعل إلى مجرد حاسب(وكلنا نعلم بداية البرمجة الحاسوبية) ومما تعنيه إقناع الذات، أنك سوف تمارس تأكيدا عاطفيا، إنتبه (عاطفي)، أي أنك سوف تشعر بما تريد الشعور به.. كأن يكون الثقة.
حسنا ماذا لو إستطعت أن تنجح في التأكيد؟!
لنشاهد.. إذا كانت الثقة هي الهدف فإنك سوف تمتلك ثقة غير واضحة أبدا.. وإذا كان القوة النفسية فإن القوة لن تكون واضحة أبدا... وإذا كان الثراء فإن الأمور أيضا لن تكون واضحة أيضا. فأنت سوف تشعر بغموض في هذا الأمر..! لأن العقل لم يتمكن من تفسير سبب هذه الثقة ولا سبب هذه القوة ولا سبب هذا الثراء.. هذه مشكلة تحتاج الوقوف عندها قبل إتاحة التأكيدات لكل الأفراد دون إستثناء..!
وتبقى المبالغة في نتائج التأكيدات هي الإشكال الأكبر.. ولكن إقناع الذات عاطفيا ممكن، في حالة إقتناعها بالفعل.
وأيضا رابط الموارد:
جميل هذا الرابط، ويعمل بالفعل، وتدهشني عبارة (يشتغل)، وهو مؤثر ويعطي نتيجة ولكن سلبيته تكمن في إستخدامه، وفي أبعاده.. إن إستخدام الرابط نوعا ما يفقد الشخص الثقة في قدرته العقلية والعاطفية.. أجزم أن جميع من يمارسه يبدأ هذا الشعور في التسلل في داخله.
ثم في تذكره عند الرغبة في إستخدامه.. عندما يفكر الإنسان بهذه الطريقة وهي البحث عن طريقة لتخلصه من توتره، فإنه سوف يفتقد التلقائية والروحانية نوعا ما.. بل وبراعته في إيجاد الحلول. ربما ينجح في تحقيق هدف الرابط، ولكن الحالة النفسية لن تبلغ ذروتها أبدا.. لأن مصدر الراحة لم يكن داخليا، بل كان حيلة ما..!
نستطيع أن نتخلص من تلك المعوقات بهذا الرابط.. ولكن تبقى الحاجة للإبداع الذاتي والشعور بالخصوصية، أمرا جوهريا، فترك النفس تبدع في إيجاد حيلها أمر (فطري) وهذا قد يلمح لنا بأن معظم مفاهيم البرمجة ضد الفطرة.. وهذا ماسيسوقنا لاحقا إلى عيوب البرمجة الشاملة..
ثم مولد السلوك الجديد:
هنا يشعر الفرد بقتل خصوصيته بشكل مباشر.. وكأنها لغة ميكافيلة تنص على مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) فالغاية جيدة، ولكن الوسيلة تعتمد على المحاكاة المباشرة، وهنا لا يعني أبدا أنه ليس من قوانين الإبداع هو التقليد ثم التغيير.. ولكن مولد السلوك الجديد.. يخبر الفرد بالتقليد الكامل غير الجزئي للفرد المحاكى، وبهذا يصعب على ذلك الفرد المتفرد بخصوصيته تقليد الآخرين، خوفا من أن يكون مجرد شبيه، بل اسوأ من ذلك قد يرى نفسه مجرد (مسخ) غير واضح المعالم.
أما مايعرف بالتمثيل فإنه ممتاز عندما يرتبط بتقنية ذاتية سابقة، لأنه يرتبط بالشخص نفسه، لا بمحاكاة كاملة للغير، أما التقليد لطريقة الآخرين، فإنها لاتفقد الشخص أبدا تلك الخصوصية، وهي بالضبط عملية التمرين التي تعتمد على إمتلاك الإستراتيجية بشكل دقيق ثم الإبداع المرتبط بخصوصية الفرد المرتبطة (بدوافعه) وبتركيبته النفسية.
منقول للفائدة