مراحل الوصول إلى الهدف كما ذكرها ابن قيم الجوزية
المرحلة الأولى : اليقظة .
المرحلة الثانية : الفكرة .
المرحلة الثالثة : البصيرة .
المرحلة الرابعة : القصد والعزم .
المرحلة الخامسة : المحاسبة .
أول مراحل الوصول إلى الهدف ( اليقظة ) ، وهي انزعاج قلبك لروعة الانتباه من رقدتك فهذه الروعة نافعة وقدرها عظيم وتعينك على تغيير سلوكك نحو الأفضل ، فمتى ما أحسست بهذه الروعة فقد أحسست بالفلاح .
فأول مراحل تحقيق الهدف اليقظة والانتباه من الغفلة والنهوض من ورطة الفترة
المرحلة الثانية : الفكرة ، فإذا استيقظت تماما وجب عليك أن تفكر في المطلوب التماسا له وهو مانعني به ( تحديد الهدف بدقة ) .
وذكر أن الفكرة فكرتان ( كأنه يفصل في نوعين من الأهداف) هما :
1- الهدف المتعلق بالعلم والمعرفة .
2- والهدف المتعلق بالطلب والإرادة .
فالهدف ( الفكرة ) المتعلقة بالعلم والمعرفة فكرة التمييز بين الحق والباطل والثابت والمنفي ، والهدف (الفكرة ) المتعلقة بالطلب والإرادة فكرة التمييز بين النافع والضار.
والمرحلة الثالثة للوصول إلى الهدف : البصيرة ( التخيل ) وعبر عنه ابن القيم الجوزية بأنه نور في القلب يبصر به الإنسان وصوله لأهدافه العليا وغاياته العظمى ويتخيل تحققها إذا هو التزم طريق الوصول إليها بشكل صحيح ، كما يتخيل الألم الذي سيحدث له في حال لم يحدد أهدافه ولم يسلك الطريق الصحيح للوصول إليها يفكر كم سيخسر .
يتخيل النتيجة أمامه في كلتا الحالتين النتيجة الايجابية والنتيجة السلبية وهذا الإبصار والتخيل كما عبر عنه ابن القيم بقوله : فالبصيرة نور يقذفه الله في القلب يرى به حقيقة ما أخبرت به الرسل كأنه يشاهده رأي العين فيتحقق مع ذلك انتفاعه بما دعت إليه الرسل وتضرره بمخالفتهم وهذا معنى قول بعض العارفين " البصيرة " تحقق الانتفاع بالشيئ والتضرر به " وقال بعضهم البصيرة " ما خلصك من الحيرة إما بإيمان أو بعيان "
ولشيخ الإسلام الهروي قول بديع في البصيرة ( التخيل ) إذ جعل البصيرة ما يخلصك من الحيرة ... وهذا مشاهد فبمجرد أن تبصر طريقك وتتخيل تحقق أهدافك فإنها تخلصك من الحيرة والقلق والاضطراب ... وذكر الهروي : أن من نتائج وضوح الرؤية والبصيرة وتمامها تفجر المعرفة وتثبيت الفراسة فإن بهذه البصيرة ( الرؤية والتخيل ) تنفجر من قلب صاحبها ينابيع من المعارف التي لا تنال بكسب ولا دراسة إنه إلا فهم يؤتيه الله عبدا في كتابه ودينه على قدر بصيرة قلبه ...... فكأنه يقول : على قدر قوة بصيرتك ورؤيتك لهدفك سمعيا وحسيا وبصريا تكون النتيجة .
كما ذكر ابن قيم الجوزية: أن البصيرة وهي النظر بعين اليقين إلى تحقق الهدف : ذكر أن البصيرة تنبت في أرض القلب الفراسة الصادقة وهي نور يقذفه الله في القلب يفرق به بين الحق والباطل والصادق والكاذب وعلى حسب قوة البصيرة وضعفها تكون الفراسة .
وطبيعي إذا صرفت اهتمامك لشئ وجعلته شغلك الشاغل وهمك القائم وتعلق قلبك بهذا الأمر كانت فراستك متعلقة بما أهمك فتستطيع إن تميز بين ما تحب وما تبغض من الأقوال والأعمال وتميز في هذا العمل بين الخبيث والطيب والحق والباطل ففراستك حائمة حول كشف طرق الوصول أهدافك وتعريف مايهمك وتخليصه من بين سائر الطرق بل تستطيع بفراستك في عملك أن تكشف عيوب نفسك وتكشف الأعمال العائقة عن الوصول إلى الهدف .
فإذا انتبهت لما يهمك وأبصرت طريقك بمعنى تخيلته بشكل دقيق وحددت معالمه وملامحه عندها يأتي القصد وصدق الإرادة وعلم وتيقن أنه لابد من المضي قدما في سبيل تحقيق الهدف .
يقول ابن القيم الجوزية : إذا أخذ في الأهبة السفر وتعبئة الزاد ليوم المعاد والتجرد من عوائق السفر وقطع العلائق التي تمنعه من الخروج ( لتحقيق الهدف ) .
يقول الهروي في معرض كلامه عن القصد : قصدا يبعث على الارتياض ويخلص من التردد ويدعو إلى مجانبة الأغراض " فهذا يبعث على السلوك بلا توقف ولاتردد . بحيث لا يلقى سببا يعوق عن المقصود ( الهدف ) إلا قطعه ولا حائلا دونه ( أي بلوغ الهدف ) إلا منعه ولا صعوبة ( نحو الهدف ) إلا سهلها .
ثم إذا استحكم قصدك نحو هدفك وإصرارك على بلوغه صار ( عزما ) جازما مستلزما للشروع في سفرك نحو تحقيق أهدافك والوصول إلى غاياتك .
والعزم هو القصد الجازم المتصل بالفعل .......... ولذلك قيل : انه أول الشروع في الحركة لطلب المقصود ( يعبر عنه في وقتنا الحاضر بالمبادرة ) ................ ولكي تصل إلى تحقيق أهدافك المرسومة لابد أن تشرع في الحركة وهي ناشئة أصلا من عقد العزم على المضي قدما في الوصول إلى أهدافك .
يقول ابن القيم : والعزم حقيقته استجماع قوى الإرادة على الفعل .
وذكر : أنك لكي تصل إلى هدفك فأنت بين عزمين الأول عزمك على الدخول في طريق تحقيق أهدافك وهو من البدايات .
والثاني : عزم في حال السير مع الهدف ، وذكر أنه في حال عزمك على تحقيق أهداف مشروعك تحتاج إلى تمييز مالك وما عليك ليستصحب ماله ويؤدي ماعليه وهي " المحاسبة " أثناء السير نحو تحقيق الهدف .
ومن عجيب ما ذكره ابن القيم حول السير لتحقيق الهدف قوله : ( واعلم أن ترتيب المقامات)
( المراحل ) ليس باعتبار أن السالك يقطع المقام ( المنزلة أو المرحلة ) ويفارقه وينتقل إلى الثاني كمنازل السير الحسي هذا محال ألا ترى أن اليقظه معه في كل مقام ( مرحلة ) لا تفارقه وكذلك البصيرة والإرادة والقصد والعزم والمحاسبة فإنها كما أنها من أول المقامات ( المراحل والخطوات ) فهي آخرها أيضا .
ومن جميل ما ذكره ابن القيم الجوزية الصبر وأهميته في بلوغ الأهداف والوصول إلى الغايات قال : وكذلك الصبر لا ينفك عنه في مقام من المقامات ( يعني لا يستغنى عن الصبر في أي مرحلة أو خطوة نحو بلوغ الهدف ) .
(عرض وتقديم الدكتور منصور الخريجي)
منقول