بسم الله الرحمن الرحيم
هناك نوعان من التدرج تدرج في تحويل الأنظمة و القوانين و التشريعات و تدرج في التنفيذ و التطبيق و الإجبار على هذه التشريعات ، فالتنفيذ و الإجبار قد لا يكون هناك القدرة الكافية للقيام به و إلزام الناس به ، بينما التشريع لا يكون التدرج فيه إلا كفراً و شركاً و ذلك أن الدين قد اكتمل و التشريع قد تم و لا علاقة له بالقدرة و الاستطاعة .
فالتشريع حين يكون مخالفاً للإسلام بحيث يكون لغير الله و يحل المحرمات كالردة و الخمر و الزنا و الربا و الميسر و الخنا و المجون و التعري ، أو يحرم التحاكم إلى الله و الجهاد في سبيله و أخذ الجزية و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة الحدود ، أو يشرع عقوبات غير التي شرعها الله كتبديل الرجم و القتل و القطع ، أو أن تقوم الدولة رسمياً بترخيص بنوك الربا و حانات الخمور و بيوت الدعارة و مراقص اللهو و صالات الميسر و شواطئ العري و أفلام الخنا ، أو غير ذلك من المسائل التشريعية التي تختلف مع ملة الإسلام فهذه كلها لا يجوز القبول بأي منها و لو لطرفة عين بدعوى التدرج و إلا فهذا كفر مبين بل الواجب على كل موحد أن يكفر بفاعل هذا التدرج فهو طاغوت و رأس من رؤوس الكفر .
لكن التدرج يكون بعد أن يكون النظام و القانون ينص على أن الحكم لله و أن كلمته هي العليا و أنه هو المشرع و ينص على منع الردة و الخمر و الزنا و الربا و الميسر و الخنا و التبرج و ينص أيضاً على أن المرتد تضرب عنقه و الزاني المحصن يرجم و السارق تقطع يده و فاعل فعل قوم لوط يقتل و شارب الخمر و القاذف يجلد ، و ينص على عدم التصريح لبنوك الربا و حانات الخمور و بيوت الدعارة و مراقص اللهو و صالات الميسر و شواطئ العري و أفلام الخنا ، و بعد أن يتم ذلك كله على الفور قد لا يستطيع أن يلزم الناس بجميع هذه الأمور أو يقيم عليهم تلك الحدود لعدم الاستطاعته أو لأي مانع معتبر فهذا لا باس به إذا لم تكن عنده القدرة الكافية فيبدأ بالأهم و يستكمل القدرة و يرفع العجز بقدر الاستطاعة .
لكن الذي يقال للناس ليس إلا تلبيساً متعمداً من بعض المنتسبين للعلم بأن يتكلموا عن التدرج في التطبيق في سياق الحديث عن التدرج في التشريع الذي يحدث ليوهموا الناس أنهم يجيزون التدرج في التشريع ، فيتبعون بذلك سنن اليهود بتحريف الكلم عن مواضعه و تلبيس الحق بالباطل و كتم الحق و هم يعلمون .
و هنا نتحدى مخالفينا أن ينقبوا في الكتب و يبحثوا في المصنفات و يأتوا لنا بأي شبهة تجيز الدرج في التشريع و تحليل الحرام و تحريم الحلال و نسخ الحدود لفترة مؤقتة .
إن هذا التدرج المزعوم هو الذي كان يدعيه الطاغوت حسني مبارك و لبس به هو و علماء السوء على الناس و لم يحدث شيء من التدرج بعد ثلاثين سنة ، و هو كذلك الذي قام الطاغوت أردوغان و لبس هو و علماء السوء به على الناس و لم يتدرج بعد عشر سنين إلا في الناتو حتى تصدره في حربه على الإسلام ، و هاهما الغنوشي و مرسي على الطريق .
تنبهوا يا عباد الله ، فهؤلاء الذين يتدرجون في التشريع و يقبلون بشرع غير شرع الله و لو لحظة واحدة هم طواغيت نازعوا الله الذي له الخلق و الأمر في أخص خصائصه و شرط على كل موحد أن يكفر بهم و يبرأ منهم .
ألا هل بلغت اللهم فاشهد .